السبت، 26 فبراير 2011

جنبلاط أخطأ في القراءة فقطعت السعودية العلاقات معه وأوقفت التمويل بقيمة 50 مليون دولار سنوياً

جنبلاط أخطأ في القراءة فقطعت السعودية العلاقات معه وأوقفت التمويل بقيمة 50 مليون دولار سنوياً
سوريا تدرس بعناية سرّ الطحشة الاميركية على لبنان و8 آذار غاضبة لالتزامه بالقرارات الدولية
مصادر في الوفد الاميركي سرّبت معلومات عن تمويل بعض المصارف اللبنانية

اخطأ النائب وليد جنبلاط، عندما اعتقد بأن المملكة العربية السعودية ستوافق على طرحه نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً، لكنه اكتشف بان الادارة السعودية قطعت العلاقات معه بشكل غير مسبوق، وبالتالي فان الدعم المالي السنوي توقف علماً ان قيمته وصلت الى الخمسين مليون دولار، فلم يخطر في بال الاشتراكيين بان هذه المبادرة الجنبلاطية بتسمية الميقاتي ستلحق بهم افدح الاضرار المالية، كذلك فان المعارضة السابقة اكتشفت من خلال حديث جنبلاط التلفزيوني خطأ في حساباتها التي اعتبرت بان «قطعة» من السعودية اصبحت الى جانب فريقنا، ليتبين لاحقا بان السعودية لا تزال مصرّة على معالجة اتفاق السين - سين في المكان الذي توقف.

اتصال الامير مقرن بالوزير وليد جنبلاط، كشف للاكثرية الجديدة مكامن الخلل التي تعيق تأليف الحكومة، فاذا كانت السعودية تسأل حليفها السابق جنبلاط عن الاسباب التي دفعته الى ارتكاب المعاصي بحق الاكثرية السابقة، كذلك فان الولايات المتحدة لا تزال متماسكة مع حلفائها اللبنانيين
 ومع اصدقائها الخليجيين. وهنا يكمن التردد الميقاتي في التأليف والتشكيل، خصوصا ان سوريا منحت الرئيس المكلف ضوءاً اخضر يرفض بموجبه اللون الواحد لحكومته، فشرب الميقاتي حليب السباع بينما اعتقد العماد ميشال عون وحزب الله بانهم الرابحون الحقيقيون في التقلبات بين المعارضة والاكثرية.
فالاكثرية الجديدة التي اعتقدت واهمة بانها المنتصرة، طحشت دون هوادة الى المشاركة بالحصة التي تجسد لها الانتصار، فقررت ان توزع الوزراء المسيحيين على العماد ميشال عون، والدروز للنائب وليد جنبلاط فيما حزب الله وحركة امل يستأثرون بالحصة الشيعية وهكذا تضيع فعالية رئيس الحكومة الذي يكتفي بعدد معين من الوزراء السنة بعدما تقتطع الاحزاب العلمانية حصتها.
لكن هذه الاوهام زالت سريعاً بعدما علم زوار دمشق بالنصيحة السورية للرئيس المكلف، اضافة الى ان «من يتحدث باسمنا في بيروت يجتهد من عندياته، وبذلك بدأ الميقاتي الهادئ والصامت، يعلّي الصوت في مجالسه، لا اريد حكومة اللون الواحد، ولن اسمح بالاحتكار الطائفي، ومش مسموح لحركة امل وحزب الله الاستئثار بالوزراء الشيعة، وانالن انفرد بتسمية الوزراء السنة».
ويضيف اصدقاء الميقاتي بأن «الدنيا تبرم من حولنا ومن له عينان فليراقب ماذا يجري في المنطقة، وليسأل لماذا اهل السنة يتجمعون؟ ومن هو «الامام» الذي يحرك فيهم الغضب في المدن العربية»؟واذا كان السفير جيفري فيلتامن زائر فوق العادة في العواصم العربية، لا يبارحها الا بعد اشعال المواطنين فيها، فان وفد الكونغرس الاميركي حضر بهالة تفوق هيبة فيلتمان، فهل المصاب جلل استوجب حضور هذا النوع الرفيع المستوى الى لبنان، وهل المحكمة الدولية والسلاح المقاوم يستوجبان هذا الاستنفار الاميركي؟ اسئلة طرحها اصدقاء الميقاتي واعتبروا ان سوريا القارئة الجيدة لتطورات المنطقة، تدرس بعناية الاسرار الدفينة لهذه الطحشة الاميركية، لاجل كل ذلك فان تأليف الحكوة يسير بهدوء على البيض الاقليمي والدولي خوفاً من اي دعسة ناقصة، وان المراوحة السورية في عدم الحسم رغم قدرتها الواضحة والايعاز لمن يلزم بالاسراع في تأليف الحكومة، ناتجة من دقة الاوضاع التي تعصف في المنطقة حيث التقديمات والهبات المالية والمكرمات تتوزع ذات اليمين وذات اليسار خوفاً من العدوى ومن انتقال المظاهرات اليها.
حيال تشابك الاوضاع المحلية مع الهموم الاقليمية، هدأت المعارضة السابقة وتوقفت عن عرض عضلاتها واسماء مستوزريها واطفأ الرئيس ميقاتي الشاشة التي كانت ستعرض شريط التأليف وانصرف الى القراءة الدولية والاقليمية، خصوصاً ان ضيوفه الاميركيين الذين حضروا على عجل لم يناقشوا معه سوى شؤون المحكمة الدولية والسلاح وفي الحالتين كان ردّ الميقاتي بان حكومته متمسكة بكل القرارات الدولية، هنا ثار غضب حلفائه الجدد على اعتبار ان الهدف من اختيارهم للميقاتي كانت اسبابه المحكمة الدولية وقراراتها الاتهامية.
ويعدد الاصدقاء المواصفات التي اتت بنجيب ميقاتي رئيساً مكلفا، فيعتبرون ان الرجل الهادئ يعالج الملفات الشائكة بكل هدوء، فهو رغم نصائح الاصدقاء بعدم ركوب هذا المركب الخشن، وصل الى السرايا الكبير بناء للرغبات السورية التي وجدت بالميقاتي فعالية تحاكي الغرب عبر مشاريعه الاقتصادية المترامية الاطراف، كما انه لا «ينقّز» السعودية الشريك الفعّال في اتفاق السين - سين، وينصح الاصدقاء بعض المتعاملين الجدد معه، خصوصاً حلفاءه الحاليين، لا تتمرجلوا كثيرا على الرجل، فالميقاتي هو الميقاتي، لن ترهبه شروط الاقوياء، ولن يوهنه الكلام الدائم بانه لا يمتلك كتلة نيابية، فالميقاتي عرف مكانته وقرر التمسك بشروطه التي تؤدي الى الشركة العادلة في هذا البلد المشتعل والمنقسم طائفياً ومذهبياً، وهو يعرف جيداً، يضيف الاصدقاء، بان لا بديل آخر يستطيع ان يكلف تشكيل الحكومة دون ان يشتعل الغضب السني الذي يكاد يعمي البصائر في عدد من الدول العربية المحيطة.
لا تحرجوه، فالرجل لن يخرج عن اطواره ولن يستقيل، فالتأييد السوري له سلاح فعال يشهره ساعة يتمادى فيها حلفاؤها ويمدون ايديهم على «الخرج» الحكومي، يريدون حكومة الغالب في مواجهة خصومهم المغلوبين، فهذه النكايات، يقول الاصدقاء، ليست من تراث الميقاتي الذي يعتبر ان لبنان مقبل على تدابير قاسية ومؤذية سوف تطال المصارف والمركز المالي اللبناني، خصوصا اذا لم يستجب اللبنانيون لمقتضيات ومندرجات القرارات الاتهامية والمحكمة الدولية، والاميركيون سربوا عبر الوفد المرافق لعضوي الكونغرس بان بعض المصارف اللبنانية هي على اللائحة التي تمول الارهاب، وهذا الكلام سمعته الاوساط المحيطة بالرئيس نجيب ميقاتي الذي يعرف جيدا معانيه وتداعياته الاقتصادية، خصوصاً ان الميقاتي لم يرتح كثيرا للنتائج التي حققها حاكم مصرف لبنان في اميركا عندما قال نحن في طريق الحل، وهذا يفيد بان الاميركيين ليسوا مقتنعين تماماً بان حكومة لبنان سوف تلتزم بالقرارات الاتهامية التي ستصدر تباعاً عن المحكمة الدولية.
والسؤال هل اقتنع الرئيس المكلف بان يؤجل اعلان حكومته الى حين صدور القرار الاتهامي؟ لان الاثمان ستكون ارخص بكثير اذا صدر القرار في ظل حكومة الميقاتي. علما ان تأليف الحكومة حاليا يصطدم بعدم مشاركة الجميع داخلها، فاذا كانت قوى 14 آذار لا تزال حذرة وهي ابلغت الرئيس ميقاتي باستحالة المشاركة قبل الموافقة العلنية على شروطها حول المحكمة الدولية وسلاح حزب الله فان الازمة المشتعلة بين العماد ميشال عون ورئيس الجمهورية تعيق ايضا العملية السليمة للتأليف.
فالكلام الذي اطلقه البعض على عواهنه ضد رئيس البلاد يفيد بان الرابية لها البصمات الواضحة في مضمونه وان الحرب الوزارية التي اشعلها العماد ميشال عون يكملها بعض حلفائه، وفي ظل هذا الخطاب التدميري لا يستطيع الرئيس ميقاتي اكمال مسيرة التأليف بعدما اصابته بعض الشظايا من الهجوم على الرئاسة الاولى، والميقاتي ابلغ سليمان بان جميع الوزراء هم من حصة الرئيس، وان الوزارات السيادية يأتمن عليها رئيس البلاد، لذلك فان التسمية المشتركة مع سليمان هي التي تحدد اسماء الوزراء وجاء من يهمس لدى الرئيس سليمان بان حصتك محفوظة بالاسماء والحقائب ولو وضعوها من حصة الميقاتي.
ولان الميقاتي يجد صعوبة بالغة في اقناع جميع الاطراف بالاعتدال اثناء توزيع الحصص ولان الميقاتي يرفض اي ثلث ضامن لاي فريق، ولان الميقاتي لا يستطيع تأمين عشرين وزيراً يمثلون الاعتدال والوسطية، فان الرياح تجري كما يشتهي اصحاب الاختصاص، فالحكومة تريد ان تبتعد عن «الشرّ» ومضاره وسوف تشيح بنظرها عن كل طامع اعتقد بانه المنتصر وسوف تجنح ناحية التكنوقراط، فهل «يظمط» الميقاتي مع صبره الطويل بهكذا انواع من الحكومات؟